التمييز المقنّع
يقول الله تعالى في سورة النساء: " يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ " وهو
أمر تعلّق بالميراث والشهادة، حيث أنه من المعلوم أن نصيب الذكر من
الميراث يساوي ميراث البنتين وكذلك عند الإدلاء بالشهادة تساوي شهادة
بنتين شهادة رجل واحد، ومن خلال هذا التشريع الإلهي الحكيم نلمس العناية
بالبشر كافة والحرص الكبير على إعطاء كل فرد ما له ، فالمرأة مكرّمة في
مجالات كثيرة وليس المجال هنا لإبرازها فهي واضحة للعيان ولنا في القرآن
الكريم والسيرة النبوية العطرة شواهد ومشاهد راسخة لتكريم الإنسان.
أردت
التقديم للموضوع بهذه الصفة لأتحدث عن ظاهرة التمييز التي نراها بين
الأبناء ككل وخصوصا بين الابن والبنت: ففي الحالة الأولى هناك آباء
يفرّقون بين أبنائهم، فيُعطون لهذا ويحرمون ذاك، وهي معاملة في الحقيقة
تخلق الكثير من المشاكل بين الإخوة على المدى البعيد ودون الدخول في
نواياهم نظن أن هذا التصرف نابع من رؤية بعضهم أنهم بهذا الأسلوب سيخلقون
نوعا من التنافس من أجل إرضاء الآباء.
أمّا
التمييز بين الأنثى والذكر فهو يكاد يكون واضحا للعيان خصوصا في المجتمعات
الشرقية "الذكورية": البعض من الآباء وبمجرد الزواج يصبحون لا يفكرون
إلاّ في الابن الذكر لرغبة كامنة داخلهم بأفضلية الابن وهو راجع في قسط
كبير منه إلى البيئة الاجتماعية المكوّنة لتلك الشخصية، وللتبسيط أكثر نرى
أن بعض الآباء - سامحهم الله- يؤثرون الولد على البنت ومن أمثلة ذلك مثلا
وهو مثال يتكرّر في حياتنا بصفة لافتة أن العائلة حين تشتري جهاز كمبيوتر
فهي بصفة آلية تفكّر أنه سيكون من نصيب الابن والبنت هي ملحقة به، بمعنى
أن جهاز الكمبيوتر والدراجة وحتى السيّارة هي للابن وأنه الأوْلى في
الاستعمال وإن سُمح للبنت بالاستعمال فتلك هبة من الابن قبل الأب والأم.
ظاهرة
قد تكون عادية في مجتمعاتنا ولا ننظر إليها بالأهمية التي تستحقها خصوصا
إذا علمنا ما لهذا التصرف من آثار سلبية على تكوين شخصية البنت وربّما خلق
نوع من "الكره" والغيرة وهو أمر يدعونا لمزيد التفكير في الأمر والاستعانة
بمن لهم الدراية الكافية كالنفسيين والاجتماعيين.
هل ترى صدى لهذه الظاهرة في حياتك اليومية؟
ما السبيل لعلاجها أو التقليص منها؟