الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يهديك ، وأن يصرف عنك السوء والفحشاء ، وأن يجعلك من عباده المخلَصين.
وخير
ما نوصيك به هو تقوى الله تعالى ، والحذر من نقمته وغضبه، وأليم عقابه ،
فإن الله تعالى يمهل ولا يهمل ، وما يؤمنك أن يطلع الله عليك وأنت على
معصيته فيقول : وعزتي وجلالي لا غفرت لك.
وانظر إلى هذه الجوارح التي تسعى بها إلى المعصية ، ألا ترى الله قادرا على أن يسلبك نعمتها ، وأن يذيقك ألم فقدها ؟
ثم
انظر إلى ستر الله تعالى لك ، وحلمه عليك ، وأنت تعلم غيرته على عباده ،
فما يؤمّنك أن يغضب عليك ، فينشكف أمرك ، ويطلع الناس على سرك ، وتبوء
بفضيحة الدنيا قبل الآخرة .
وهل ستجني من النظر المحرم إلا الحسرة ، والشقاء ، وظلمة القلب ؟
وهب أنك شعرت بمتعة أو لذة ، يوما أو يومين ، أو شهرا أو سنة .. فماذا بعد ؟
موت .. ثم قبر .. ثم حساب ، فعقاب ... ذهبت اللذات وبقيت الحسرات .
وإذا كنت تستحيي من أن يراك أخوك على هذه المعصية ، فكيف تجعل الله تعالى أهون الناظرين إليك ؟!
أما علمت أن الله يراك ، وأن ملائكته تحصي عليك ، وأن جوارحك غدا ستنطق بما كان ؟
واعتبر بما أصبح عليه حالك بعد المعصية : هم في القلب ، وضيق في الصدر ، ووحشة بينك وبين الله .
ذهب الخشوع .. ومات قيام الليل .. وهجرك الصوم ... فقل لي بربك ما قيمة هذه الحياة ؟
كل
نظرة تنظرها إلى هذه النوافذ الشيطانية ، تنكت في قلبك نكتة سوداء ، حتى
يجتمع السواد فوق السواد ، ثم الران الذي يعلو القلب ، فيحرمك من لذة
الطاعة ، ويفقدك حلاوة الإيمان .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : "
إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر
وتاب صقل قلبه ، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكر الله (
كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) " رواه الترمذي (3257) وابن ماجة
(4234) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه 3422.
صقل : أي نُقي وطُهر .
فكن ممن نزع واستغفر وتاب ، وأكثر من التضرع لله تعالى أن يُطهر قلبك وأن يُحصن فرجك ، وأن يُعيذك من نزغات الشيطان.
واجتنب كل وسيلة تدعوك أو تذكرك بالحرام ، إن كنت صادقا راغبا في التوبة .
فبادر
بإخراج هذا الدش من بيتك ، واقطع صلتك بمواقع السوء في الانترنت ، واعلم
أن خير وسيلة تعينك على ترك ما اعتدته من الحرام ، أن تقف عند الخاطرة
والهم والتفكير ، فادفع كل خاطرة تدعوك للمشاهدة ، قبل أن تصبح رغبة وهمّا
وقصدا ثم فعلا.
قال الغزالي رحمه الله : ( الخطوة الأولى في الباطل
إن لم تدفع أورثت الرغبة ، والرغبة تورث الهم ، والهم يورث القصد ، والقصد
يورث الفعل ، والفعل يورث البوار والمقت ، فينبغي حسم مادة الشر من منبعه
الأول وهو الخاطر ، فإن جميع ما وراءه يتبعه ) إحياء علوم الدين 6/17
وهذا
مأخوذ من قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن
يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) النور/21
وإن أمكنك الاستغناء التام عن الانترنت فافعل ، إلى أن تشعر بثبات قلبك ، وقوة إيمانك .
واحرص
على الرفقة الصالحة ، واحرص على أداء الصلوات في أوقاتها ، وأكثر من نوافل
العبادة ، وتجنب الخلوة والتفكير في الحرام ما أمكن .
والخلاصة في العلاج فتح منافذ الخير ، وسد منافذ الشر .
نسأل الله أن يوفقنا وإياك للتوبة الخالصة النصوح.
والله أعلم